أولاً : الإقسام بالله وما يتعلّق به .
• معنى ( الحلف ) .
قال في اللسان :
حلف: الـحِلْفُ والـحَلِفُ: القَسَمُ لغتان، حَلَفَ أَي أَقْسَم يَحْلِفُ حَلْفاً وحِلْفاً وحَلِفاً ومَـحْلُوفاً .
والـحَلِفُ: الـيمين وأَصلُها العَقْدُ بالعَزْمِ والنـية .
ويسمى الحلف " يميناً " قال في القاموس :
واليَمينُ: القَسَمُ، مؤنَّثٌ لأَنَّهُمْ كانوا يَتَماسحونَ بأيْمانِهمْ، فيتحالفونَ .
- واليمين ( الحلف ) في الشرع : هو تأكيد الشيء بذكر معظّم بصيغة مخصوصة بالباء أو التاء أو الواو ( 1 )
أو : هي توكيد الأمر المحلوف عليه بذكر الله، أو اسم من أسمائه، أو صفة من صفاته على وجه مخصوص، وتسمى الحلف أو القسم. واليمين فيها معنى التعظيم للمحلوف به .
• حروف القسم .
حروف القسم ثلاثة :
الواو : والله . .
الباء : بالله . .
التاء : تالله . .
الفرق بين هذه الأحرف :
- الباء : هي أعمّ هذه الحروف لأنها تدخل على الظاهر والمضمر ، وعلى اسم الله وغيره ويذكر معها فعل القسم ويحذف . فيذكر نحو : " وأقسموا بالله جهد أيمانهم " .
ويحذف نحو قولك : بالله لأفعلن .
وتدخل على المضمر نحو قولك : الله عظيم أحلف به لأفعلن .
وتدخل على الظاهر كما في الآية .
وتدخل على غير لفظ الجلالة كقولك : بالسميع لأفعلنّ .
- الواو : لا يذكر معها فعل القسم ولا تدخل على الضمير ويحلف بها مع كل اسم .
- التاء : لا يُذكر معها فعل القسم ، وتختص بـ ( الله - رب ) فتقول : تالله ، تربّ ( 2 )
• أقسام الحالفين من جهة المقسم به .
لمّا كان اليمين فيه تعظيم وتشريف للمحلوف به انقسم المقسم به إلى قسمين من جهة الحالفين .
الأول : أن يكون المقسم هو الله .
فالله عز وجل له أن يقسم بـ :
- صفاته كما ورد في الحديث القدسي " وعزتي وجلالي " ( 3 )
- وله جل وتعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته .
في نحو : " والعصر . . والفجر . . والتين . . والليل . . والشمس . . "
- معنى القسم من الله .
القسم من الله ليس معناه طلب تصديق القارئ أو السامع .
إنما القسم من الله له معاني :
1- تعظيمه جل وتعالى ، لأن القسم بهذه المخلوقات تعظيمٌ لها ؛ ورفع شأنها متضمنٌ للثناء على الله بما تقتضيه من الدلالة على عظمته .
2 - توكيد جواب القسم .
3 - تعظيم المقسم به وتشريفه .
الثاني : أن يكون الحالف هو المخلوق .
والمخلوق لا يقسم إلا بالله جل وتعالى أو بأي اسم من أسمائه أو بصفة من صفاته ، ولا يجوز له أن يقسم بالمخلوق .
قال عليه الصلاة والسلام: ((ألا إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )). ( 4 )
- حكم الحلف بغير الله .
الحلف بغير الله له حالات :
1 - شرك أكبر : إن اعتقد الحالف أن المحلوف به مساوٍ لله تعالى في التعظيم .
2 - شرك أصغر : تعظيم المحلوف به من غير اعتقاد المساواة .
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حلف بغير الله فقد أشرك )). ( 5 )
وقد حكى ابن تيمية رحمه الله إجماع الصحابة على ذلك ( 6 )
- شبهة :
جاء عند مسلم في كتاب الإيمان : باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أفلح وأبيه إن صدق " . . فهل هذا قسم بالآباء وحلف بغير الله ؟
الجواب : عن هذا من وجوه :
1 - أن بعض العلماء أنكر هذه اللفظة وأنها لم تثبت فلا يصح نسبتها للرسول صلى الله عليه وسلم لمناقضتها صريح التوحيد .
2 - أن هذه اللفظة تصحيف من الرواة إذ الأصل : " أفلح والله إن صدق " وكانوا في السابق لا يشكلون الكلمات ؛ و " أبيه " تشبه " الله " إذا حذفت النقاط .
3 - أن هذا مما يجري على الألسنة بغير قصد .
4 - أنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو من أبعد الناس عن الشرك فيكون من خصائصه لأن الناس لا يساوون النبي صلى الله عليه وسلم في إخلاص التوحيد .
5 - أن ذلك على حذف مضاف والتقدير : " أفلح ورب أبيه إن صدق " .
6 - أن هذا منسوخ ، لأن من عادة العرب أنها كانت تحلف بآبائها ، وأن هذا اليمين كان جارياً على ألسنتهم فتُركوا حتى استقر الإيمان في نفوسهم ثم نهوا عنه ؛ وكان هذا من النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ينسخ ، قال ابن عثيمين رحمه الله : وهذا أقرب الوجوه . ( 7 )
- شبهة أخرى :
جاء عند البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب السمر مع الضيف من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما ، وفي القصة : " ..فنظر إليها - أي زوجته أم رومان رضي الله عنها - أبو بكر فإذا هي - اي الصحفة - كما هي أو أكثر منها فقال لامرأته يا أخت بني فراس ما هذا قالت لا وقرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات "
فهل قولها : " وقرة عيني " قسم بغير الله ؟!
أو ذلك قسم بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟!
الجواب عن هذا من وجوه :
1 - أن هذه اللفظة " وقرة عيني " هي من قول صحابية رضي الله عنها ، والأدلة الصحيحة الصريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم قد دلّت على النهي عن ذلك ، ونحن متعبدون بالوحي . وربما كان هذا من أم رومان رضي الله عنها قبل النهي أو أنها كانت تجهل النهي .
2 - أن هذه اللفظة " وقرة عيني " لم يخرجها مسلم في صحيحه رحمه الله على أنه ساق القصة ولم يذكر هذه اللفظة .
3 - أنه في رواية المسند جاءت من غير حرف " الواو " ( قرة عيني ) على سبيل مداعبة الزوجة لزوجها بأطيب الكلام أو على سبيل الدعاء أو الخبر لا على سبيل القسم .
4 - قال ابن حجر : ( قرة العين يعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان ويوافقه , يقال ذلك لأن عينه قرت أي سكنت حركتها من التلفت لحصول غرضها فلا تستشرف لشيء آخر , فكأنه مأخوذ من القرار , وقيل : معناه أنام الله عينك وهو يرجع إلى هذا . . وإنما حلفت أم رومان بذلك لما وقع عندها من السرور بالكرامة التي حصلت لهم ببركة الصديق رضي الله عنه ) فلعل ذلك وقع منها لما حصل لها من شدة السرور ، كما أخطأ الرجل الذي قال : " اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح " !
5 - قال ابن حجر رحمه الله : ( وزعم الداودي أنها أرادت بقرة عينها النبي صلى الله عليه وسلم فأقسمت به , وفيه بُعد ) ( 8 )
6 - أن الواو هنا ليست واو القسم ، وغنما هي واو استئنافية على تقدير محذوف بعدها فيكون التقدير " لا وأنت قرة عيني " سيما أن سياق القصة صالحٌ لتقدير هذاالمحذوف . والله أعلم .
وعليه : فإنه ليس في الحديث دليل على جواز القسم بغير الله تعالى ولو كان المحلوف به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حجّة لمن زعم أن النبي مخصوص في جواز القسم به صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم قد قال للرجل الذي قال : ما شاء الله وشئت قال له : " أجعلتني لله ندّاً قل ما شاء الله وحده " .
وقد حكى ابن تيمية رحمه الله النزاع في هذا ، وبيّن أن الجمهور على حرمة القسم به صلى الله عليه وسلم ، وأن الخلاف في ذلك ضعيف ( 9 )
* كفارة الحلف بغير الله:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق )). ( 10 )
2- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه حلف باللات والعزى، فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم: ((قل لا إله إلا الله وحده ثلاثاً، واتفل عن شمالك ثلاثاً، وتعوذ بالله من الشيطان، ولا تعُد )). ( 11 )
• أجناس الحالفين من جهة انعقاد اليمين .
الناس في هذا إما مسلم أو كافر :
1 - فالمسلم له حالان :
- أن يكون مكرهاً . فلا تنعقد يمينه .
- أن يكون مختاراً قاصداً توفرت فيه شروط انعقاد اليمين فهذا تنعقد يمينه .
2 - أمّا الكافر : فإنه يقع يمينه . فإذا أسلم وفّى بما حلف ، لحديث عمر رضي الله عنه : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة ، فقال له صلى الله عليه وسلم : " أوف بنذرك " . ( 12 )
• أقسام اليمين .
أقسام اليمين ثلاثة :
1- اليمين المنعقدة .
وهي : يمين على أمر مستقبل وهي تنعقد، وفيها الكفارة إن حنث.
2- اليمين الغموس .
وهي : يمين على أمر مضى كذباً ، وهي من أكبر الكبائر ، وسميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار ؛ ولا تنعقد ولا كفارة فيها وتجب المبادرة بالتوبة منها .
3- اليمين اللغو .
وهي على نوعين :
- قسم على أمر ماضٍ بغلبة الظن فبان خلافه .لا حنث فيه ولا كفارة .
- قسم مما يجري على اللسان حيث لا يقصد اليمين كقوله : لا والله .. لتأكلن والله . .
وهذه اليمين لا تنعقد، ولا كفارة فيها، ولا يؤاخذ بها الحالف، لقوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ " ( 13 )
• شروط انعقاد اليمين .
المقصود بانعقاد اليمين أي اليمين التي تُعظّم ويجب الوفاء بها وعدم الحنث فيها .
وهذه اليمن تنعقد على هذه الصورة إذا توفرت فيها خمسة شروط وهي :
- البلوغ .
- العقل .
- الحلف بالله .
- عدم الإكراه .
- القصد .
• شروط وجوب كفارة اليمين .
تجب كفارة اليمين بشروط أربع :
أن تكون يميناً منعقدة .
أن يكون القسم على أمر مستقبلي .
الحنث في القسم . بأن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله .
الاختيار وعدم الإكراه . ويمينه باقية .
الذكر . لأن الناسي معذور بنسيانه ، ويمينه باقية .
• كفارة اليمين .
يخير من لزمته كفارة يمين بين:
1- إطعام عشرة مساكين نصف صاع من قوت البلد .
2- كسوة عشرة مساكين ما يُجزئ في الصلاة.
3- عتق رقبة مؤمنة.
وهو مخير في هذه الثلاثة السابقة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام، ولا يجوز الصيام إلا عند العجز عن الثلاثة السابقة.
و يجوز تقديم الكفارة على الحنث، ويجوز تأخيرها عنه، فإن قدمها كانت محللة لليمين، وإن أخرها كانت مكفرة له.
قال الله تعالى في بيان كفارة اليمين: " لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "
• إحكام الحنث في اليمين .
- سنة :
يسن الحنث في اليمين إذا كان خيراً، كمن حلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب، فيفعل الذي هو خير ويكفر عن يمينه، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من حلف على يمين، فرأى غيرها خيراً منها، فليأتها، وليكفر عن يمينه )). ( 14 )
- واجب :
يجب نقض اليمين إذا حلف على ترك واجب كمن حلف لا يصل رحمه، أو حلف على فعل محرم كمن حلف ليشربن الخمر، فيجب نقض اليمين، ويكفر عنها.
- مباح :
ويباح نقض اليمين كما إذا حلف على فعل مباح، أو حلف على تركه، ويكفر عن يمينه.
- حرام :
نقض اليمين المنعقدة لغير سبب مباح .
ومن ذلك :
o من حرم على نفسه حلالاً سوى زوجته من طعام أو غيره لم يحرم عليه، وعليه إن فعله كفارة يمين، لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " ( 15 )
• من أدب اليمين .
1- حفظ اليمين ، وكل يمين لها ابتداء وانتهاء ووسط :
فحفظ اليمين ابتداءً بـ :
o عدم الإكثار من اليمين .
o أن يُحلف بالله وعدم الحلف بغيره .
o الحلف على مباح .
o أن يحلف صادقاً . والحدّ الأدني في هذا الحلف بغلبة الظن .
وحفظ اليمين وسطاً بـ :
o عدم الحنث فيها .
o أن لا يُجعل الله عرضة وحائلا أي حائلاً عن فعل البر . ونقض اليمين إذا تبيّن له أن غيرها أفضل منها ويكفّر ، لقول الله تعالى : " وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " ( 16 ) . أي : حائلا عن عمل البر .
و لحديث عبد الرحمن بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها ؛ فكفّر عن يمينك وائت الذي هو خير " ( 17 )
وحفظ اليمين انتهاءً بـ :
o الوفاء بها .
o الكفارة عند الحنث فيها .
2 - من حق المسلم على أخيه إبرار قسمه إذا أقسم عليه إذا لم يكن في معصية.
3 - الرضى بحلف الصادق لقوله صلى الله عليه وسلم : " من حلف بالله فليصدق ومن حُلف له بالله فليرض ، ومن بم يرض فليس من الله " ( 18 ) وشرط الرضا : أن يكون الحالف صادقاً ، ويعرف هذا بالحس والواقع .
• أحكام اليمين .
1- يمين واجبة: وهي التي ينقذ بها إنساناً معصوماً من هلكة.
2- مندوبة: كالحلف عند الإصلاح بين الناس. وفي الحرب وعلى الزوجة لحديث : " كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا ثلاثا : الرجل يكذب في الحرب، فإن الحرب خدعة، و الرجل يكذب المرأة فيرضيها، و الرجل يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما " ( 19 )
3- مباحة: كالحلف على فعل مباح أو تركه، أو توكيد أمر ونحو ذلك.
4- مكروهة: كالحلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب، والحلف في البيع والشراء.
5- محرمة: كمن حلف كاذباً متعمداً، أو حلف على فعل معصية أو ترك واجب.
• الاستثناء في الحلف :
إذا قال الحالف بعد حلفه : ( إن شاء الله ) فهو مخير : إن شاء مضى في يمينه وإن شاء ترك ( من حلف فاستثنى ) . ( 20 )
ويلزم أن يكون الاستثناء متصلا . إلا أن يكون فاصلا عارض كتثاؤب أو عطاس ..
• على أي شيء يقع اليمين ؟
o الأعمال بالنيات، فمن حلف على شيء وَوَرَّى بغيره فالعبرة بنيته لا بلفظه.
o اليمين تكون على نية المستحلف، فإذا حلَّفه القاضي في الدعوى أو غيرها، فيجب أن تكون على نية المحلف لا على نية الحالف، وإذا حلف بدون استحلاف فعلى نية الحالف.
ثانياً : الإقسام على الله . . أقسامه وحكمه .
• معناه :
أن تحلف على الله أن يفعل ، أو تحلف عليه أن لا يفعل .
• أقسامه .
القسم على الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : أن يقسم بما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم من نفي أو إثبات .
فهذا : لا بأس به .
مثال :
والله ليُشفعنّ الله نبيه في الخلق يوم القيامة .
والله لا يغفر الله لمن أشرك به .
الثاني : أن يقسم على ربه لقوة رجائه وحسن الظن بربه .
فهذا : جائز .
لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه " ( 21 )
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره " ( 22 )
الثالث : أن يكون الحامل له على الإقسام هو الإعجاب بالنفس وتحجّر فضل الله عز وجل وسوء الظن به تعالى .
فهذا : لا يجوز بل هو وشيك أن يحبط العمل .
لحديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قال : رجل والله لا يغفر الله لفلان !! فقال الله عزوجل : من ذا الذي يتألّى عليّ أن لا أغفر لفلان ؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك " ( 23 )
ثالثاً : أحكام لها تعلق باليمين :
1 - الإيلاء :
• معناه :
هو : حلف الزوج على ترك وطء زوجته مطلقا أو مقيدا بأقل من أربعة أشهر أو أكثر.
• شروط الإيلاء .
o الحلف بالله .
o أن يحلف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر أو مطلقاً.
o أن يحلف على ترك الوطء في الفرج .
o أن يكون المحلوف عليه امرأته . فمن آلى من أجنبية لا يقع ولا من جاريته .
• أحكام في الإيلاء .
o يصح الإيلاء من كل مسلمة حرة أو كتابية .
o يصح الإيلاء من غير المدخول بها .
o يصح الإيلاء من المجنونة والصغيرة لكنه لا يطالب بالفيئة لأنهما ليسا من أهل المطالبة.
o لا يشترط في الإيلاء الغضب ولا قصد إضرار .
• ألفاظ الإيلاء :
o صريحة : مثل : لا آتيك لا أدخل عليك لا وطئتك ..
o غير صريحة يشترط فيها النية : مثل : لا اجتمع وإياك تحت سقف .
• الفرق بين الإيلاء والهجر .
الهجر : ليس له مدة . فطالما أن المرأة لم ترتدع فيجوز للزوج هجرها فوق أربعة اشهر
والإيلاء : محدود بمدة.
2 - النذر :
• معناه :
هو إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى شيئاً غير لازم بأصل الشرع بكل قول يدل عليه.
والنذر نوع من العبادة، لا يجوز صرفه لغير الله تعالى؛ لأنه يتضمن تعظيم المنذور له، والتقرب إليه بذلك .
قال الله تعالى في صفة الأبرار: " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً " ( 24 ) وقوله : " وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ " ( 25 )
وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه )). ( 26 )
فإن قيل : كيف يكون النذر عباده ويكون مكروهاً ؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: ((إنه لا يرد شيئاً ولكنه يستخرج به من البخيل )). ( 27 )
الجواب :
أن النذر قسمان :
الأول : مطلق . وهو : أن يلزم الإنسان نفسه بعبادة ليس في مقابل شيء يحصل له ، كان يقول : نذرت أن أصلي لله ركعتين ، فهذا ليس بمكروه .
الثاني : مقيد . وهو الذي يلزم نفسه بطاعة في مقابل أمر يحصل له ، كأن يقول : إن شفي مريضي فلله عليّ نذر أن أتصدق بكذا ..
فهذا هو المكروه ، وهو مكروه من جهة الاعتقاد ، دلّ على ذلك التعليل : " إنما يستخرج من البخيل " إذ صاحبه يظن أنه لا تحصل له حاجته إلا بالنذر ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إن من ظن هذا الظن فإنه في اعتقاد محرم لأنه ظن أن الله لا يعطي إلاّ بمقابل ، وهذا من سوء الظن بالله .
• حكم النذر:
النذر مشروع في حق من يعلم من نفسه القدرة على الوفاء به، ومكروه في حق من يعلم من نفسه عدم القدرة على الوفاء به .
• شروط انعقاد النذر .
o الإسلام .
o البلوغ .
o الاختيار .
o العقل .
• أقسام النذر .
النذر على أقسام :
الأول : نذر الطاعة وله حالان :
1 - مطلق . فعلاً أو تركاً .
2 - مقيّد .
o نذر الطاعة يجب الوفاء به .
o من نذر فعل طاعة ثم عجز عن الوفاء بما نذر فعليه كفارة يمين.
o من نذر فعل طاعة ومات قبل فعلها فعلها عنه وليه. لحديث : أن امرأة من جهينة، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال : نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيتة؟. اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء." ( 28 )
o من نذر أن لايفعل شيئا ثم فعله فعليه كفارة يمين .
o من نذر أن يفعل مباحاً فهو مخير بين الوفاء أو الكفارة .
الثاني : النذر المكروه .
هو النذر المقيد بحصول شيء ما .
ومنه :
o نذر الطلاق ونحوه فيسن أن يكفر عن يمينه ولا يفعله.
o النذر في كل ما يشق على العبد من الأعمال والطاعات.
الثالث : نذر المعصية .
o كمن نذر أن يشرب خمراً أو يقطع رحماً ..
هذا النذر لا يصح، ويحرم الوفاء به، وعليه كفارة يمين، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين )). ( 29 )
o من خلط في نذره طاعة بمعصية لزمه فعل الطاعة، وترك المعصية.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مُرْهُ فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه )). ( 30 )
o حكم من نذر أن يصوم أياماً فوافق النحر أو الفطر:
عن زياد بن جبير قال: كنت مع ابن عُمر، فسأله رجل فقال: نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما عشت، فوافقت هذا اليوم يوم النحر، فقال: أمر الله بوفاء النذر، ونهينا أن نصوم يوم النحر، فأعاد عليه، فقال مثله، لا يزيد عليه. ( 31 )
• مصرف النذر:
مصرف نذر الطاعة على ما نواه به صاحبه في حدود الشريعة المطهرة، فإن نوى بالمنذور من لحم أو غيره الفقراء فلا يجوز أن يأكل منه.
وإن نوى بنذره أهل بيته، أو رفقته، أو أصحابه جاز له أن يأكل كواحد منهم.
وبعد : فإن من تعظيم الله تعالى يورث طهارة القلب والتقوى ، كما قال الله تعالى : " ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ " ( 32 )
وإن من تعظيم الله تعالى حق التعظيم أن يصرف له كل أمر لا ينبغي إلا له كالدعاء والحلف والنذر ، وأن يُغظّم الله تعالى في كل عبادة لا أن تتخذ على سبيل من الاستهانة وعدم التوقير .
جملة من الفوائد والأحكام ، جمعتها في هذا المبحث اللطيف أسأل الله القبول
وصلى الله على بي الله محمد بن عبد الله وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه ومن تبعهم بإحسان ..
والحمد لله رب العالمين .
==================
( 1 ) القول المفيد على كتاب التوحيد 2 / 214
( 2 ) المرجع السابق .
( 3 ) البخاري رقم 7510 ومسلم رقم 193
( 4 ) أخرجه البخاري برقم (2679)، مسلم برقم (1646)، واللفظ له.
( 5 ) أخرجه أبو داود برقم (3251)، وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم (2787). وأخرجه البخاري برقم (1535)، صحيح سنن الترمذي برقم (1241).
( 6 ) الفتاوى 1 / 204
( 7 ) انظر القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين رحمه الله 2 / 215
( 8 ) وما قبله : فتح الباري . كتاب المناقب : باب علامات النبوة .
( 9 ) الفتاوى 1 / 204
( 10 ) أخرجه البخاري برقم (4860)، واللفظ له، ومسلم برقم (1647).
( 11 ) أخرجه أحمد برقم (1622)، وهذا لفظه، وقال الأرنؤوط: سنده صحيح. وأخرجه ابن ماجه برقم (2097).
( 12 ) البخاري رقم 6697 ومسلم رقم 1656
( 13 ) سورة المائدة آية ( 89 ) .
( 14 ) أخرجه مسلم برقم (1650).
( 15 ) سورة التحريم الآيات ( 1 ، 2 ) .
( 16 ) سورة البقرة آية ( 224 ) .
( 17 ) البخاري 4 / 214 ومسلم 3 / 1274
( 18 ) ابن ماجه 1 / 679 وحسنه الحافظ في الفتح 11 / 536
( 19 ) الحديث بهذا اللفظ فيه ضعف : ضعيف الجامع : 4215
( 20 ) صحيح أبي داود برقم 2795 وصحيح النسائي 3551
صحيح الجامع / 6206
( 21 ) البخاري 2 / 269 ومسلم 3 / 1302
( 22 ) أخرجه مسلم 4 / 2024
( 23 ) أخرجه مسلم 4 / 2023
( 24 ) سورة الإنسان آية رقم ( 7 ) .
( 25 ) سورة القرة آية رقم ( 270 ) .
( 26 ) أخرجه البخاري برقم (6696).
( 27 ) أخرجه البخاري برقم (6693)، واللفظ له، ومسلم برقم (1639).
( 28) البخاري برقم 1852
( 29) أخرجه أبو داود برقم (3290)، صحيح سنن أبي داود رقم (2816). وأخرجه الترمذي برقم (1524)، صحيح سنن الترمذي رقم (1231).
( 30) أخرجه البخاري برقم (6704).
( 31 ) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6706) واللفظ له، ومسلم برقم (1139).
( 32 ) سورة الحج آية رقم ( 32 ) .
الصيد الثمين . . في أحكام اليمين
• معنى ( الحلف ) .
قال في اللسان :
حلف: الـحِلْفُ والـحَلِفُ: القَسَمُ لغتان، حَلَفَ أَي أَقْسَم يَحْلِفُ حَلْفاً وحِلْفاً وحَلِفاً ومَـحْلُوفاً .
والـحَلِفُ: الـيمين وأَصلُها العَقْدُ بالعَزْمِ والنـية .
ويسمى الحلف " يميناً " قال في القاموس :
واليَمينُ: القَسَمُ، مؤنَّثٌ لأَنَّهُمْ كانوا يَتَماسحونَ بأيْمانِهمْ، فيتحالفونَ .
- واليمين ( الحلف ) في الشرع : هو تأكيد الشيء بذكر معظّم بصيغة مخصوصة بالباء أو التاء أو الواو ( 1 )
أو : هي توكيد الأمر المحلوف عليه بذكر الله، أو اسم من أسمائه، أو صفة من صفاته على وجه مخصوص، وتسمى الحلف أو القسم. واليمين فيها معنى التعظيم للمحلوف به .
• حروف القسم .
حروف القسم ثلاثة :
الواو : والله . .
الباء : بالله . .
التاء : تالله . .
الفرق بين هذه الأحرف :
- الباء : هي أعمّ هذه الحروف لأنها تدخل على الظاهر والمضمر ، وعلى اسم الله وغيره ويذكر معها فعل القسم ويحذف . فيذكر نحو : " وأقسموا بالله جهد أيمانهم " .
ويحذف نحو قولك : بالله لأفعلن .
وتدخل على المضمر نحو قولك : الله عظيم أحلف به لأفعلن .
وتدخل على الظاهر كما في الآية .
وتدخل على غير لفظ الجلالة كقولك : بالسميع لأفعلنّ .
- الواو : لا يذكر معها فعل القسم ولا تدخل على الضمير ويحلف بها مع كل اسم .
- التاء : لا يُذكر معها فعل القسم ، وتختص بـ ( الله - رب ) فتقول : تالله ، تربّ ( 2 )
• أقسام الحالفين من جهة المقسم به .
لمّا كان اليمين فيه تعظيم وتشريف للمحلوف به انقسم المقسم به إلى قسمين من جهة الحالفين .
الأول : أن يكون المقسم هو الله .
فالله عز وجل له أن يقسم بـ :
- صفاته كما ورد في الحديث القدسي " وعزتي وجلالي " ( 3 )
- وله جل وتعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته .
في نحو : " والعصر . . والفجر . . والتين . . والليل . . والشمس . . "
- معنى القسم من الله .
القسم من الله ليس معناه طلب تصديق القارئ أو السامع .
إنما القسم من الله له معاني :
1- تعظيمه جل وتعالى ، لأن القسم بهذه المخلوقات تعظيمٌ لها ؛ ورفع شأنها متضمنٌ للثناء على الله بما تقتضيه من الدلالة على عظمته .
2 - توكيد جواب القسم .
3 - تعظيم المقسم به وتشريفه .
الثاني : أن يكون الحالف هو المخلوق .
والمخلوق لا يقسم إلا بالله جل وتعالى أو بأي اسم من أسمائه أو بصفة من صفاته ، ولا يجوز له أن يقسم بالمخلوق .
قال عليه الصلاة والسلام: ((ألا إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )). ( 4 )
- حكم الحلف بغير الله .
الحلف بغير الله له حالات :
1 - شرك أكبر : إن اعتقد الحالف أن المحلوف به مساوٍ لله تعالى في التعظيم .
2 - شرك أصغر : تعظيم المحلوف به من غير اعتقاد المساواة .
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حلف بغير الله فقد أشرك )). ( 5 )
وقد حكى ابن تيمية رحمه الله إجماع الصحابة على ذلك ( 6 )
- شبهة :
جاء عند مسلم في كتاب الإيمان : باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أفلح وأبيه إن صدق " . . فهل هذا قسم بالآباء وحلف بغير الله ؟
الجواب : عن هذا من وجوه :
1 - أن بعض العلماء أنكر هذه اللفظة وأنها لم تثبت فلا يصح نسبتها للرسول صلى الله عليه وسلم لمناقضتها صريح التوحيد .
2 - أن هذه اللفظة تصحيف من الرواة إذ الأصل : " أفلح والله إن صدق " وكانوا في السابق لا يشكلون الكلمات ؛ و " أبيه " تشبه " الله " إذا حذفت النقاط .
3 - أن هذا مما يجري على الألسنة بغير قصد .
4 - أنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو من أبعد الناس عن الشرك فيكون من خصائصه لأن الناس لا يساوون النبي صلى الله عليه وسلم في إخلاص التوحيد .
5 - أن ذلك على حذف مضاف والتقدير : " أفلح ورب أبيه إن صدق " .
6 - أن هذا منسوخ ، لأن من عادة العرب أنها كانت تحلف بآبائها ، وأن هذا اليمين كان جارياً على ألسنتهم فتُركوا حتى استقر الإيمان في نفوسهم ثم نهوا عنه ؛ وكان هذا من النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ينسخ ، قال ابن عثيمين رحمه الله : وهذا أقرب الوجوه . ( 7 )
- شبهة أخرى :
جاء عند البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب السمر مع الضيف من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما ، وفي القصة : " ..فنظر إليها - أي زوجته أم رومان رضي الله عنها - أبو بكر فإذا هي - اي الصحفة - كما هي أو أكثر منها فقال لامرأته يا أخت بني فراس ما هذا قالت لا وقرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات "
فهل قولها : " وقرة عيني " قسم بغير الله ؟!
أو ذلك قسم بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟!
الجواب عن هذا من وجوه :
1 - أن هذه اللفظة " وقرة عيني " هي من قول صحابية رضي الله عنها ، والأدلة الصحيحة الصريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم قد دلّت على النهي عن ذلك ، ونحن متعبدون بالوحي . وربما كان هذا من أم رومان رضي الله عنها قبل النهي أو أنها كانت تجهل النهي .
2 - أن هذه اللفظة " وقرة عيني " لم يخرجها مسلم في صحيحه رحمه الله على أنه ساق القصة ولم يذكر هذه اللفظة .
3 - أنه في رواية المسند جاءت من غير حرف " الواو " ( قرة عيني ) على سبيل مداعبة الزوجة لزوجها بأطيب الكلام أو على سبيل الدعاء أو الخبر لا على سبيل القسم .
4 - قال ابن حجر : ( قرة العين يعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان ويوافقه , يقال ذلك لأن عينه قرت أي سكنت حركتها من التلفت لحصول غرضها فلا تستشرف لشيء آخر , فكأنه مأخوذ من القرار , وقيل : معناه أنام الله عينك وهو يرجع إلى هذا . . وإنما حلفت أم رومان بذلك لما وقع عندها من السرور بالكرامة التي حصلت لهم ببركة الصديق رضي الله عنه ) فلعل ذلك وقع منها لما حصل لها من شدة السرور ، كما أخطأ الرجل الذي قال : " اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح " !
5 - قال ابن حجر رحمه الله : ( وزعم الداودي أنها أرادت بقرة عينها النبي صلى الله عليه وسلم فأقسمت به , وفيه بُعد ) ( 8 )
6 - أن الواو هنا ليست واو القسم ، وغنما هي واو استئنافية على تقدير محذوف بعدها فيكون التقدير " لا وأنت قرة عيني " سيما أن سياق القصة صالحٌ لتقدير هذاالمحذوف . والله أعلم .
وعليه : فإنه ليس في الحديث دليل على جواز القسم بغير الله تعالى ولو كان المحلوف به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حجّة لمن زعم أن النبي مخصوص في جواز القسم به صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم قد قال للرجل الذي قال : ما شاء الله وشئت قال له : " أجعلتني لله ندّاً قل ما شاء الله وحده " .
وقد حكى ابن تيمية رحمه الله النزاع في هذا ، وبيّن أن الجمهور على حرمة القسم به صلى الله عليه وسلم ، وأن الخلاف في ذلك ضعيف ( 9 )
* كفارة الحلف بغير الله:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق )). ( 10 )
2- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه حلف باللات والعزى، فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم: ((قل لا إله إلا الله وحده ثلاثاً، واتفل عن شمالك ثلاثاً، وتعوذ بالله من الشيطان، ولا تعُد )). ( 11 )
• أجناس الحالفين من جهة انعقاد اليمين .
الناس في هذا إما مسلم أو كافر :
1 - فالمسلم له حالان :
- أن يكون مكرهاً . فلا تنعقد يمينه .
- أن يكون مختاراً قاصداً توفرت فيه شروط انعقاد اليمين فهذا تنعقد يمينه .
2 - أمّا الكافر : فإنه يقع يمينه . فإذا أسلم وفّى بما حلف ، لحديث عمر رضي الله عنه : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة ، فقال له صلى الله عليه وسلم : " أوف بنذرك " . ( 12 )
• أقسام اليمين .
أقسام اليمين ثلاثة :
1- اليمين المنعقدة .
وهي : يمين على أمر مستقبل وهي تنعقد، وفيها الكفارة إن حنث.
2- اليمين الغموس .
وهي : يمين على أمر مضى كذباً ، وهي من أكبر الكبائر ، وسميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار ؛ ولا تنعقد ولا كفارة فيها وتجب المبادرة بالتوبة منها .
3- اليمين اللغو .
وهي على نوعين :
- قسم على أمر ماضٍ بغلبة الظن فبان خلافه .لا حنث فيه ولا كفارة .
- قسم مما يجري على اللسان حيث لا يقصد اليمين كقوله : لا والله .. لتأكلن والله . .
وهذه اليمين لا تنعقد، ولا كفارة فيها، ولا يؤاخذ بها الحالف، لقوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ " ( 13 )
• شروط انعقاد اليمين .
المقصود بانعقاد اليمين أي اليمين التي تُعظّم ويجب الوفاء بها وعدم الحنث فيها .
وهذه اليمن تنعقد على هذه الصورة إذا توفرت فيها خمسة شروط وهي :
- البلوغ .
- العقل .
- الحلف بالله .
- عدم الإكراه .
- القصد .
• شروط وجوب كفارة اليمين .
تجب كفارة اليمين بشروط أربع :
أن تكون يميناً منعقدة .
أن يكون القسم على أمر مستقبلي .
الحنث في القسم . بأن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله .
الاختيار وعدم الإكراه . ويمينه باقية .
الذكر . لأن الناسي معذور بنسيانه ، ويمينه باقية .
• كفارة اليمين .
يخير من لزمته كفارة يمين بين:
1- إطعام عشرة مساكين نصف صاع من قوت البلد .
2- كسوة عشرة مساكين ما يُجزئ في الصلاة.
3- عتق رقبة مؤمنة.
وهو مخير في هذه الثلاثة السابقة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام، ولا يجوز الصيام إلا عند العجز عن الثلاثة السابقة.
و يجوز تقديم الكفارة على الحنث، ويجوز تأخيرها عنه، فإن قدمها كانت محللة لليمين، وإن أخرها كانت مكفرة له.
قال الله تعالى في بيان كفارة اليمين: " لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "
• إحكام الحنث في اليمين .
- سنة :
يسن الحنث في اليمين إذا كان خيراً، كمن حلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب، فيفعل الذي هو خير ويكفر عن يمينه، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من حلف على يمين، فرأى غيرها خيراً منها، فليأتها، وليكفر عن يمينه )). ( 14 )
- واجب :
يجب نقض اليمين إذا حلف على ترك واجب كمن حلف لا يصل رحمه، أو حلف على فعل محرم كمن حلف ليشربن الخمر، فيجب نقض اليمين، ويكفر عنها.
- مباح :
ويباح نقض اليمين كما إذا حلف على فعل مباح، أو حلف على تركه، ويكفر عن يمينه.
- حرام :
نقض اليمين المنعقدة لغير سبب مباح .
ومن ذلك :
o من حرم على نفسه حلالاً سوى زوجته من طعام أو غيره لم يحرم عليه، وعليه إن فعله كفارة يمين، لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " ( 15 )
• من أدب اليمين .
1- حفظ اليمين ، وكل يمين لها ابتداء وانتهاء ووسط :
فحفظ اليمين ابتداءً بـ :
o عدم الإكثار من اليمين .
o أن يُحلف بالله وعدم الحلف بغيره .
o الحلف على مباح .
o أن يحلف صادقاً . والحدّ الأدني في هذا الحلف بغلبة الظن .
وحفظ اليمين وسطاً بـ :
o عدم الحنث فيها .
o أن لا يُجعل الله عرضة وحائلا أي حائلاً عن فعل البر . ونقض اليمين إذا تبيّن له أن غيرها أفضل منها ويكفّر ، لقول الله تعالى : " وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " ( 16 ) . أي : حائلا عن عمل البر .
و لحديث عبد الرحمن بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها ؛ فكفّر عن يمينك وائت الذي هو خير " ( 17 )
وحفظ اليمين انتهاءً بـ :
o الوفاء بها .
o الكفارة عند الحنث فيها .
2 - من حق المسلم على أخيه إبرار قسمه إذا أقسم عليه إذا لم يكن في معصية.
3 - الرضى بحلف الصادق لقوله صلى الله عليه وسلم : " من حلف بالله فليصدق ومن حُلف له بالله فليرض ، ومن بم يرض فليس من الله " ( 18 ) وشرط الرضا : أن يكون الحالف صادقاً ، ويعرف هذا بالحس والواقع .
• أحكام اليمين .
1- يمين واجبة: وهي التي ينقذ بها إنساناً معصوماً من هلكة.
2- مندوبة: كالحلف عند الإصلاح بين الناس. وفي الحرب وعلى الزوجة لحديث : " كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا ثلاثا : الرجل يكذب في الحرب، فإن الحرب خدعة، و الرجل يكذب المرأة فيرضيها، و الرجل يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما " ( 19 )
3- مباحة: كالحلف على فعل مباح أو تركه، أو توكيد أمر ونحو ذلك.
4- مكروهة: كالحلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب، والحلف في البيع والشراء.
5- محرمة: كمن حلف كاذباً متعمداً، أو حلف على فعل معصية أو ترك واجب.
• الاستثناء في الحلف :
إذا قال الحالف بعد حلفه : ( إن شاء الله ) فهو مخير : إن شاء مضى في يمينه وإن شاء ترك ( من حلف فاستثنى ) . ( 20 )
ويلزم أن يكون الاستثناء متصلا . إلا أن يكون فاصلا عارض كتثاؤب أو عطاس ..
• على أي شيء يقع اليمين ؟
o الأعمال بالنيات، فمن حلف على شيء وَوَرَّى بغيره فالعبرة بنيته لا بلفظه.
o اليمين تكون على نية المستحلف، فإذا حلَّفه القاضي في الدعوى أو غيرها، فيجب أن تكون على نية المحلف لا على نية الحالف، وإذا حلف بدون استحلاف فعلى نية الحالف.
ثانياً : الإقسام على الله . . أقسامه وحكمه .
• معناه :
أن تحلف على الله أن يفعل ، أو تحلف عليه أن لا يفعل .
• أقسامه .
القسم على الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : أن يقسم بما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم من نفي أو إثبات .
فهذا : لا بأس به .
مثال :
والله ليُشفعنّ الله نبيه في الخلق يوم القيامة .
والله لا يغفر الله لمن أشرك به .
الثاني : أن يقسم على ربه لقوة رجائه وحسن الظن بربه .
فهذا : جائز .
لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه " ( 21 )
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره " ( 22 )
الثالث : أن يكون الحامل له على الإقسام هو الإعجاب بالنفس وتحجّر فضل الله عز وجل وسوء الظن به تعالى .
فهذا : لا يجوز بل هو وشيك أن يحبط العمل .
لحديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قال : رجل والله لا يغفر الله لفلان !! فقال الله عزوجل : من ذا الذي يتألّى عليّ أن لا أغفر لفلان ؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك " ( 23 )
ثالثاً : أحكام لها تعلق باليمين :
1 - الإيلاء :
• معناه :
هو : حلف الزوج على ترك وطء زوجته مطلقا أو مقيدا بأقل من أربعة أشهر أو أكثر.
• شروط الإيلاء .
o الحلف بالله .
o أن يحلف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر أو مطلقاً.
o أن يحلف على ترك الوطء في الفرج .
o أن يكون المحلوف عليه امرأته . فمن آلى من أجنبية لا يقع ولا من جاريته .
• أحكام في الإيلاء .
o يصح الإيلاء من كل مسلمة حرة أو كتابية .
o يصح الإيلاء من غير المدخول بها .
o يصح الإيلاء من المجنونة والصغيرة لكنه لا يطالب بالفيئة لأنهما ليسا من أهل المطالبة.
o لا يشترط في الإيلاء الغضب ولا قصد إضرار .
• ألفاظ الإيلاء :
o صريحة : مثل : لا آتيك لا أدخل عليك لا وطئتك ..
o غير صريحة يشترط فيها النية : مثل : لا اجتمع وإياك تحت سقف .
• الفرق بين الإيلاء والهجر .
الهجر : ليس له مدة . فطالما أن المرأة لم ترتدع فيجوز للزوج هجرها فوق أربعة اشهر
والإيلاء : محدود بمدة.
2 - النذر :
• معناه :
هو إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى شيئاً غير لازم بأصل الشرع بكل قول يدل عليه.
والنذر نوع من العبادة، لا يجوز صرفه لغير الله تعالى؛ لأنه يتضمن تعظيم المنذور له، والتقرب إليه بذلك .
قال الله تعالى في صفة الأبرار: " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً " ( 24 ) وقوله : " وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ " ( 25 )
وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه )). ( 26 )
فإن قيل : كيف يكون النذر عباده ويكون مكروهاً ؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: ((إنه لا يرد شيئاً ولكنه يستخرج به من البخيل )). ( 27 )
الجواب :
أن النذر قسمان :
الأول : مطلق . وهو : أن يلزم الإنسان نفسه بعبادة ليس في مقابل شيء يحصل له ، كان يقول : نذرت أن أصلي لله ركعتين ، فهذا ليس بمكروه .
الثاني : مقيد . وهو الذي يلزم نفسه بطاعة في مقابل أمر يحصل له ، كأن يقول : إن شفي مريضي فلله عليّ نذر أن أتصدق بكذا ..
فهذا هو المكروه ، وهو مكروه من جهة الاعتقاد ، دلّ على ذلك التعليل : " إنما يستخرج من البخيل " إذ صاحبه يظن أنه لا تحصل له حاجته إلا بالنذر ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إن من ظن هذا الظن فإنه في اعتقاد محرم لأنه ظن أن الله لا يعطي إلاّ بمقابل ، وهذا من سوء الظن بالله .
• حكم النذر:
النذر مشروع في حق من يعلم من نفسه القدرة على الوفاء به، ومكروه في حق من يعلم من نفسه عدم القدرة على الوفاء به .
• شروط انعقاد النذر .
o الإسلام .
o البلوغ .
o الاختيار .
o العقل .
• أقسام النذر .
النذر على أقسام :
الأول : نذر الطاعة وله حالان :
1 - مطلق . فعلاً أو تركاً .
2 - مقيّد .
o نذر الطاعة يجب الوفاء به .
o من نذر فعل طاعة ثم عجز عن الوفاء بما نذر فعليه كفارة يمين.
o من نذر فعل طاعة ومات قبل فعلها فعلها عنه وليه. لحديث : أن امرأة من جهينة، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال : نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيتة؟. اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء." ( 28 )
o من نذر أن لايفعل شيئا ثم فعله فعليه كفارة يمين .
o من نذر أن يفعل مباحاً فهو مخير بين الوفاء أو الكفارة .
الثاني : النذر المكروه .
هو النذر المقيد بحصول شيء ما .
ومنه :
o نذر الطلاق ونحوه فيسن أن يكفر عن يمينه ولا يفعله.
o النذر في كل ما يشق على العبد من الأعمال والطاعات.
الثالث : نذر المعصية .
o كمن نذر أن يشرب خمراً أو يقطع رحماً ..
هذا النذر لا يصح، ويحرم الوفاء به، وعليه كفارة يمين، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين )). ( 29 )
o من خلط في نذره طاعة بمعصية لزمه فعل الطاعة، وترك المعصية.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مُرْهُ فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه )). ( 30 )
o حكم من نذر أن يصوم أياماً فوافق النحر أو الفطر:
عن زياد بن جبير قال: كنت مع ابن عُمر، فسأله رجل فقال: نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما عشت، فوافقت هذا اليوم يوم النحر، فقال: أمر الله بوفاء النذر، ونهينا أن نصوم يوم النحر، فأعاد عليه، فقال مثله، لا يزيد عليه. ( 31 )
• مصرف النذر:
مصرف نذر الطاعة على ما نواه به صاحبه في حدود الشريعة المطهرة، فإن نوى بالمنذور من لحم أو غيره الفقراء فلا يجوز أن يأكل منه.
وإن نوى بنذره أهل بيته، أو رفقته، أو أصحابه جاز له أن يأكل كواحد منهم.
وبعد : فإن من تعظيم الله تعالى يورث طهارة القلب والتقوى ، كما قال الله تعالى : " ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ " ( 32 )
وإن من تعظيم الله تعالى حق التعظيم أن يصرف له كل أمر لا ينبغي إلا له كالدعاء والحلف والنذر ، وأن يُغظّم الله تعالى في كل عبادة لا أن تتخذ على سبيل من الاستهانة وعدم التوقير .
جملة من الفوائد والأحكام ، جمعتها في هذا المبحث اللطيف أسأل الله القبول
وصلى الله على بي الله محمد بن عبد الله وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه ومن تبعهم بإحسان ..
والحمد لله رب العالمين .
==================
( 1 ) القول المفيد على كتاب التوحيد 2 / 214
( 2 ) المرجع السابق .
( 3 ) البخاري رقم 7510 ومسلم رقم 193
( 4 ) أخرجه البخاري برقم (2679)، مسلم برقم (1646)، واللفظ له.
( 5 ) أخرجه أبو داود برقم (3251)، وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم (2787). وأخرجه البخاري برقم (1535)، صحيح سنن الترمذي برقم (1241).
( 6 ) الفتاوى 1 / 204
( 7 ) انظر القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين رحمه الله 2 / 215
( 8 ) وما قبله : فتح الباري . كتاب المناقب : باب علامات النبوة .
( 9 ) الفتاوى 1 / 204
( 10 ) أخرجه البخاري برقم (4860)، واللفظ له، ومسلم برقم (1647).
( 11 ) أخرجه أحمد برقم (1622)، وهذا لفظه، وقال الأرنؤوط: سنده صحيح. وأخرجه ابن ماجه برقم (2097).
( 12 ) البخاري رقم 6697 ومسلم رقم 1656
( 13 ) سورة المائدة آية ( 89 ) .
( 14 ) أخرجه مسلم برقم (1650).
( 15 ) سورة التحريم الآيات ( 1 ، 2 ) .
( 16 ) سورة البقرة آية ( 224 ) .
( 17 ) البخاري 4 / 214 ومسلم 3 / 1274
( 18 ) ابن ماجه 1 / 679 وحسنه الحافظ في الفتح 11 / 536
( 19 ) الحديث بهذا اللفظ فيه ضعف : ضعيف الجامع : 4215
( 20 ) صحيح أبي داود برقم 2795 وصحيح النسائي 3551
صحيح الجامع / 6206
( 21 ) البخاري 2 / 269 ومسلم 3 / 1302
( 22 ) أخرجه مسلم 4 / 2024
( 23 ) أخرجه مسلم 4 / 2023
( 24 ) سورة الإنسان آية رقم ( 7 ) .
( 25 ) سورة القرة آية رقم ( 270 ) .
( 26 ) أخرجه البخاري برقم (6696).
( 27 ) أخرجه البخاري برقم (6693)، واللفظ له، ومسلم برقم (1639).
( 28) البخاري برقم 1852
( 29) أخرجه أبو داود برقم (3290)، صحيح سنن أبي داود رقم (2816). وأخرجه الترمذي برقم (1524)، صحيح سنن الترمذي رقم (1231).
( 30) أخرجه البخاري برقم (6704).
( 31 ) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6706) واللفظ له، ومسلم برقم (1139).
( 32 ) سورة الحج آية رقم ( 32 ) .
الصيد الثمين . . في أحكام اليمين